الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

الجزائر: عائلة القذافي بالبلاد وعليهم الصمت أو الرحيل .. الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية


الجزائر: عائلة القذافي بالبلاد وعليهم الصمت أو الرحيل

خاص بموقع CNN بالعربية

الثلاثاء، 27 أيلول/سبتمبر 2011، آخر تحديث 20:25 (GMT+0400)




الجزائر(CNN)
-- نفى عمار بلاني، الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية الثلاثاء، الأنباء الخاصة بمغادرة أفراد من عائلة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي المتواجدة في البلاد جوا باتجاه العاصمة المصرية القاهرة السبت.

وقال بلاني في تصريحا خاصة بموقع CNN بالعربية: "عائلة الزعيم الليبي معمر القذافي ما تزال متواجدة في الجزائر، ولم تغادر التراب الجزائر، إلى أي وجهة أخرى."

وكانت عائشة القذافي أدلت بتصريحات من الجزائر الجمعة، طالبت فيها القوات الموالية لنظام والدها والمواطنين الليبيين على ضرورة محاربة الثوار، الأمر الذي أزعج الحكومة الجزائرية.

وفي هذا الصدد، قال بلاني: "لقد باشرنا بعض الإجراءات لتوضيح التصريحات غير المقبولة للسيدة عائشة القذافي، وأعلمنا مجلس الأمن القومي باستنكار الجزائر لكل ما جاء على لسان المعنية بالأمر، موضحين للعائلة أنه في حال عدم التزامها بالاتفاق الذي جرى من قبل فإنه ستتخذ إجراءات خاصة، ويتم على ضوئها ترحيل العائلة من التراب الجزائري."

وأضاف: "يجب على عائشة القذافي وكل أفراد عائلتها المتواجدين بالجزائر الامتناع عن أي تصريح أو نشاط سياسي أو حزبي أو إعلامي، وإلا سيتم نقلهم إلى وجهة أخرى، وهذا كلام واضح ومتفق عليه."

وجاءت تصريحات عائشة القذافي بعد يوم من اعتراف الحكومة الجزائرية بالمجلس الانتقالي الليبي كممثل شرعي للشعب الليبي.

يذكر أن الجزائر، التي استقبلت أفراد من عائلة القذافي في 29 اغسطس/ آب لأسباب انسانية، أعربت على لسان وزير شؤون خارجيتها، مراد مدلسي السبت لوكالة الأنباء الجزائرية، عن استعداد بلاده للتعامل بشكل وثيق مع السلطات الليبية الجديدة، والسعي لعودة التعاون إلى وضعه الطبيعي.

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

ثورة الشعوب العربية والنخب المستلبة


ثورة الشعوب العربية والنخب المستلبة .. بقلم عبد المالك حمروش


النخبة بالمعنى الدقيق متفاوتة الوجود في بلدان العرب .. لكنها لا توجد مكتملة في أي منها, وبالطبع فالنخب المقصودة أساسا هي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية .. كلها لا يسمح السلطان برقيها واستكمالها وانتظامها حتى لا تشكل قيادة محتملة للمطالب الشعبية ولطموح المجتمع إلى الحرية والتقدم .. وفي بعض البلدان التي تعثرت الثورة فيها مثل ليبيا واليمن لا يمكن الحديث عن النخب أساسا كون النظام الفردي العشائري المستبد منع حضورها الضعيف ذاته .. وعلى العموم فإن السلطان يفضل الولاء على الكفاءة, هذا الاتجاه من السلطان لقي استجابة من أشباه النخب كونها هي الأخرى رمت قضايا أوطانها وشعوبها وراء ظهرها وراحت تلهث وراء مصالحها الشخصية الضيقة التي وجدتها في القبول بدور الخادم للسلطان مقابل ما يجود به من فتات تلعقه من تحت موائده .. ولهذا فإنها عندما أعلن الشعب وطليعته الشبانة الثورة في غيابها راحت تحاول بكل السبل أن تجد صيغة للتموضع في الوضع الجديد وهي في حالة من الارتباك والضياع يرثى لها .. ذلك أن معتقداتها القديمة في السلطان وحلفائه في الداخل والخارج لا زالت راسخة وكونه لا إمكان لزحزحة السلطان أو القدر الصهيوني الأمريكي الغربي مالك مقدرات العالم .. لكن الثورة وقعت ونجحت جزئيا في تونس ومصر وليبيا ولا زالت تصارع في اليمن وسوريا بالإضافة إلى تململات في باقي بلدان العرب, ويبدو أ، الشعوب مصممة ومستعدة للتضحية بشجاعة منقطعة النظير في الوقت الذي تحرك فيه الحلف القديم لإيقاف الزحف الثوري كليا أو جزئيا وقد فشل في ليبيا ويبدو أن الفشل سيكون مصيره في كل البلدان الثائرة أو التي ستثور .. هذا الواقع الملموس يربك النخب ويضاعف ضياعها خاصة وهي لا زالت مؤمنة بالأصنام السائدة محليا وعالميا حتى وهي في محنتها الحالية أمام الثورة العربية العملاقة ومعاناتها المالية والاقتصادية المدمرة وأمام القوى الاقتصادية والتكنولوجيا الصاعدة في كل من الصين والبرازيل والهند والتي يبدو أنها توشك على احتلال مكان الصدارة في قيادة العالم مزحزحة بذلك الحلف الاستعماري التقليدي المتغلغل في مخيال النخب العربية وسلاطينها .. لذلك ظهرت تأويلات تشارك النخب في ترويجها عن الثورة العربية معبرين عن استلابهم المتغلغل باعتبار الثورة من صنع الحلف المسيطر على العالم لإنجاز مشارعه البديلة عن سايكس بيكو وما إلى ذلك من مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير والمرتكز على مبدأ تجزئة البلدان وتفتيتها بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية وإشعال الثورة التي يعتبرونها فتنة لتفعيل النعرات وذاك ما أطلقوا عليه إسم الفوضى الخلاقة .. إنهم لا يستطيعون بفعل استلابهم المستحكم أن يتجاوزوا بخيالهم المقيد صورة العالم المحكوم والمسير من قبل الحلف الاستعماري الصهيوني الذي ينضوي تحت رايته أتباعه من السلاطين العملاء "لقد صرح الرئيس السوري المهتز كرسيه بالأمس بمثل هذا التخريف في تفسير ما يحدث" .. لكن الوقائع على الأرض توحي بأشياء أخرى مما يثير الشك في نفوس النخب لعلها أخطأت التأويل وبالتالي ضيعت مصالحها المرتبطة بالقوى الجديدة الصاعدة فتراها مرتبكة مترددة ضائعة بعض منها يضع رجلا مع الثورة ورجلا آخر مع السلطان وحلفائه في الداخل والخارج وبعضها الآخر يتمسك بالماضي ولا يرى فيما يحدث سوى فتنة عابرة وبالتالي يعمل جاهدا من أجل التشكيك في الثورة والتنبؤ بفشلها إن لم تكن صناعة غربية صهيونية .. وبعضها يلوذ بالصمت معانيا في داخله من حيرة ممزقة .. في ذات الوقت تمضي الثورة الشعبية الشبابية في طريقها غير آبهة بالنخب الفاشلة المستلبة الحائرة وهي مدركة أن نخب المستقبل الحر الكريم الطموح إلى الازهار والتقدم ستولد من رحم الحراك الاجتماعي الثوري وهي بصدد التشكل والانبثاق .. أما تلك التي لفظها الشعب ليأسه منها بعد تجربة طويلة مريرة فلم يعد لها ذكر وهي في طريق الارتماء مع سلاطينها في مزابل التاريخ وبئس المصير.

عبد المالك حمروش

الأحد، 18 سبتمبر 2011

اقتحام السفارة


اقتحام سفارة "إسرائيل" بالقاهرة.. رؤية قانونية




بحث قانوني من إعداد الدكتور// السيد مصطفى أحمد أبو الخير
رئيس المجلس الاستشاري للجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد)
أستاذ في القانون الدولي العام


فى تطور مفاجئ ولكنه لم يكن مستبعدا ، تم إنزال العلم الإسرائيلي من على السفارة بالقاهرة للمرة الثانية، وزاد على ذلك أنه تم اقتحام أحد أدوار السفارة الثلاث، من قبل مجموعة من الشباب المصري ، ونتج عن ذلك وفاة أحد المصريين واصابة أكثر من مائتين من الشباب، وقد قامت الشرطة المصرية بالتعامل مع المتظاهرين والمعتصمين حول السفارة لمنعهم من أحداث أى اضرار بالسفارة ، ولكن الأمر كان أكبر من أن يمنع، نتيجة الأعداد الهائلة من المتظاهرين والمعتصمين حول مبنى ، كما قامت السلطات المصرية ببناء جدار حول السفارة فى محاولة لحماية ولكن قوة المتظاهرين كان أشد وأقوى.

وقد تجمعت عدة أسباب أدت إلى هذا التطور الكبير ، تتمثل هذه الأسباب في الآتي:

1- قيام ثورة 25 يناير التى كان من أهم أسباب قيامها تصرفات إسرائيل المستفزة ، وأهمها حدوث أكثر من خمسين حادث إطلاق نار على الحدود المصرية ونتج عنه وفاة الكثير من المصريين، وأتضح أن هذه الحوادث متعمدة من قبلهم.

2- الحادث الأخير وما نتج عنه من قتل أحد الضباط المصريين وبعض الجنود ، ورفض إسرائيل الاعتذار أو حتى إجراء تحقيق فى الحادث .

3- تراخى المجلس العسكري المصري فى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل ، حتى بدا هذا التراخى فى نظر الكثيرين كأنه نوع من التواطؤ ، وشعر الكثير من المصريين أن تعامل المجلس العسكري مع إسرائيل يتشابه إلى حد كبير تعامل النظام السابق مع كيان الإحتلال في مثل هذه الحالات.

4- التعامل التركى مع إسرائيل فى أحداث الأعتداء على سفن الحرية ، واتخاذ تركيا إجراءات جدية وتصاعدية ضد إسرائيل، وعلى رأسها طرد السفير الإسرائيلى من أنقرة، وتخفيض التمثيل الدبلوماسى وتعليق كافة العلاقات الاقتصادية والعسكرية معه ، فضلا عن التهديد باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قتلة الأتراك التسعة ، مع العلم أن إسرائيل عرضت تعويض كل قتيل تركى بمليون دولار ومع الآسف لما حدث، وهذا ما رفضته تركيا، وأصرت على الأعتذار الرسمى وهذا ما رفضته إسرائيل وترفضه حتى الآن ، وقبلت دفع التعويضات المالية.

5- أحساس غالبية الشعب المصري أن الأمور لم تسير كما كان يريد بعد إسقاط النظام المصري ، وخاصة وأن الأمور لم تصل إلى ما كان يحلم به الشعب المصري.

فرض القانون الدولى حمايته على مبانى السفارات والقنصليات فى الدول ، حيث نصت المادة (22) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961م على (تتمتع مباني البعثة بالحرمة. وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة. على الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحطّ من كرامتها .
لا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو كافة وسائل النقل, عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأي إجراء تنفيذي.).

باستقراء المادة سالفة الذكر يتبين أن التزام الدول فى حماية مبانى السفارات والقنصليات، هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة ، فالواجب على الدول بذل كل ما تستطيع لحماية مبانى البعثة الدبلوماسية، كل دولة حسب قدراتها وقوتها، وليس هناك معيار محدد لذلك، ولكن يترك الأمر حسب ظروف كل حالة وكل دولة على حدة ، ولا تلتزم أى دولة بأكثر مما فى قدراتها ، حيث الواجب عليها أن تبذل كل ما فى وسعها لحماية مبانى البعثة، لذلك يطبق هنا معيار الرجل العادي، وهو المعروف في القانون.

وبتطبيق المادة سالفة الذكر على حالة اقتحام سفارة إسرائيل بالقاهرة، يتضح لنا أن الحكومة المصرية ألتزمت بأحكام القانون الدولي ، ولا تتوافر المسئولية الدولية القانونية فى حقها، ولا تعد مخالفة لقانون العلاقات الدبلوماسية خاصة، والقانون الدولي عامة لما يآتي :

1 – أن مصر دولة فى حالة ثورة ، وحالات الثورة في القانون الدولي من حالات القوة القاهرة التى ينتج عنها التخفيف من الالتزامات القانونية الدولية، حيث تكون الأمور خارج سيطرة الحكومة ، مما ينفي عن مصر تهمة التراخي في حماية مباني البعثة.

2 – الواضح من أستقراء ما حدث أن مصر قد بذلت كل ما فى وسعها لحماية السفارة ، حيث قامت ببناء جدار عازل حول السفارة لحمايتها من المتظاهرين والمعتصمين حولها، مما يدل على التزام مصر بأحكام المادة (22) السالفة.

3 – كثرة الاصابات التى وقعت فى المقتحمين والمتظاهرين والمعتصمين حول السفارة ، والذى يربو على أكثر من مائتين، وتصرف الأمن المصري ، يدل دلالة واضحة على أن الأمن المصري قام بواجبه بقدر لايمكن القول معه أن تراخي في حماية السفارة أو قصر.

4 – تطبيقيا لمبدأ الأيدى النظيفة فى القانون الدولي ، ومفادة ألا تكون تصرفات المضرور من الجريمة قد ساهمت فى ضرره ، أو في أرتكاب الجريمة، فقد ساهمت تصرفات إسرائيل من قتل بعض المصريين بدم بارد وتكرار ذلك أكثر من خمسين مرة عن عمد، وعدم إجراء أى تحقيق فى ذلك ، ولا حتى الأعتذار أو الآسف، ساهم بشكل كبير فيما وصلت إليه الأمور من اقتحام السفارة والمطالبة بطرد السفير.

ترتيبا على ما سلف ، وطبقا للقواعد العامة في القانون الدولي وخاصة قانون العلاقات الدبلوماسية، يتبين أن الحكومة المصرية قد أوفت بكلمل التزاماتها فى حماية مبانى البعثة المتمثلة فى السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، ولا يتوافر فى حقها المسئولية الدولية القانونية.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

السبت، 17 سبتمبر 2011

كلمتنا .. مدمات ثورة


----
كلمتنا بقلم ناجى السنباطى

مقدمات ثورة*


لا شيء يبدأ من فراغ ، وإنما لا بد من تراكمات لإحداث التغيير .. ومن ثم فلو رجعنا إلي الوراء ... لوجدنا تراكمات عديدة ..طبقة فوق طبقة .. حتي تكلست جميعها وصارت طبقة واحدة قادرة علي إحداث التغيير . . وهذا التراكم لا يحدث في يوم وليلة وإنما عبر سنوات .. ولكنه لا يري مباشرة إلا لكل متابع دقيق ودعني أضرب مثالا .. نفترض أنك غبت فترة من الزمن .. ستري المكان قد تغير وستري الوجوه قد تغيرت ملامحها .. ولكن المقيم لا يلاحظ ذلك . وهكذا لم يلاحظ النظام التغييرات المتراكمة .. وذلك أنه يبحث في النتائج ويبني عليها .. وهذا علة العلل وسبب بلاء المجتمع أي مجتمع . سواء علي المستوي الداخلي أوعلي المستوي الخارجي.. ولكن الصحيح بحث أسباب المشكلة أو القضية وبعلاج الأسباب من جذورها تنتهي المشكلة أو القضية .. ودعنا نقول ما هو المطلوب من الحاكم قبل المحكومين .. المطلوب الحكم بالعدالة في كل نواحي الحياة وما هو المطلوب من المحكومين .. هو القيام بواجباتهم مقابل عدالة في توزيع العوائد . ويعني كل هذا وجود عقد بين الحاكم والمحكوم .. فإذا نقض الحاكم العقد حق للمحكوم أن يلغي العقد ، فهو المحكوم ولكنه.. صاحب المكان وصاحب الزمان وصاحب الحق .. والمحكوم لا يطلب الكثير وإنما يطلب الحاجات الأساسية للمعيشة .. وهو حد أدني لمطالبه .. ولكن الحكومة الممثلة في الحاكم وأدواته لم توفر أي من المطالب الأساسية للمحكوم .. بل حملته فوق طاقته ماديا بأعباء ضرائبية ورسوم مغالي فيها وأسعار خدمات وسلع تتزايد .. واتخذت الحكومة مفهوم الجباية للإصلاح وليته طبق .. كل بحسب طاقته .. بل طبق بمعيار إعفاء من له قوة وسلطة علي أساس غير إنساني وغير عادل وسيطرت هذه القوي الغاشمة علي مقدارات الوطن الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ومن ثم شاع الفساد وأصبح هو القاعدة في التنمية .. ومن ثم أصبحت التنمية تنمية الأغنياء علي حساب الفقراء .. وأصبحت المعادلة غير مقبولة وتراكمت المشاكل .. وبدأ الوعاء المملوء بماء المجتمع يغلي ولم يلاحظ سيد البيت غليانه .. وظهرت فقاعة وراء أخري حتي غلي تماما وسال وهدد البيت بالغرق وبالحريق بينما سيد البيت أو سيدته تهتم بالتليفزيون ولا تدري ما يدور في المطبخ !!!

الثورة وعامل الزمن

الثورة وعامل الزمن

بقلم عبد المالك حمروش


كلما كان زمن الثورة طويلا كانت نتائجها أفضل مهما كانت الكلفة باهظة .. فالنصر الجزئي السطحي البسيط الذي حصل في الحالة التونسية المصرية أعقبته مشاكل عويصة وصراعات على المبدأ نفسه .. أما في ليبيا فإن الأمر يختلف فالصراعات القائمة هي على الحكم بين الثوار وحدهم وقد تم ازالة النظام البائد عن آخره .. وليس الأمر كما هو في تونس ومصر حيث تم خلع رأس النظام وبعض مقربيه وبقي النظام يسير المرحلة الانتقالية .. مما جعله يحاول العودة الى سابق عهده ولو بشكل اخف محاولا مع حلفائه في الداخل والخارج انقاذ ما يمكن انقاذه من مصالحهم على حساب مصالح الشعب والوطن والانتقال الديمقراطي .. مما يؤشر على أن الثورة لم تكتمل وقد حكمت الظروف بهذا الوضع الإشكالي الذي يهدد التحول الديمقراطي او يجعله صعبا والصراع دائر ولا ندري على وجه التحديد كيف يكون المآل .. فهذه اليوم عودة الى ميدان التحرير في القاهرة للمطالبة بجدول زمني محدد لانهاء المرحلة الانتقالية وتسليم الحكم الى السلطة المدنية المنتخبة ديمقراطيا وسط مخاوف من محاولة تمسك العسكر بالحكم وهم في مجلسهم الاعلى من صميم العهد البائد .. فهل يفكرون فعليا في التمسك بالحكم وبالتالي عودة الاستبداد او نسبة عالية منه في ثوب جديد؟ والأمر في تونس لا يختلف حيث تمارس الحكومة نفس السيناريو وأصبحت تتخذ إجراءات قمعية لمنع الاحتجاجات والمطالبة بالتغيير الديمقراطي في محاولة منها للعودة إلى الماضي الاستبدادي .. مما قد يحتم عودة المواجهة من جديد لاستكمال الثورة وحسم تولي السلطة في المرحلة الانتقالية بطريقة تجعلها أمينة على الانتقال الديمقراطي واستبعاد كل الأطراف المشبوهة .. أما في اليمن وسوريا فمن المتوقع أن يتجاوز الإنجاز الحالة الليبية ذاتها ويكون الأمر محسوما قبل إسقاط النظام برمته بحيث تكون القيادة البديلة جاهزة وهي من صميم الثورة وليست مختلطة كما هو الوضع الليبي بين الثوار وعناصر المجلس الانتقالي المتنوع التركيبة والذي يشتمل على عناصر مشبوهة إما لأنها متطرفة أو لأنها ذات صلات وارتباطات بالقوى الغربية اللاهثة وراء مكاسب مادية غير مستحقة .. وهكذا فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. فمهما كانت المعاناة قاسية وطويلة فإنها ليست مجانية بل لها مقابل ونتائج باهرة وعالية القيمة.

قراءة في الدرس الليبي .. تحليل شامل ومعمق لتسلسل الأحداث .. بقلم: منير شفيق



قراءة في الدرس الليبي .. تحليل شامل ومعمق لتسلسل الأحداث .. بقلم: منير شفيق






عقد في باريس في 1/9/2011، وبمبادرة من الرئيس الفرنسي ساركوزي وحليفه رئيس وزراء بريطانيا كاميرون، ما يُسمى "المؤتمر الدولي لدعم ليبيا الجديدة" أو "المؤتمر الدولي لأصدقاء ليبيا". وقد حشد ممثلين عن 63 دولة، في حين كانت مشاركة إدارة أوباما من خلال وزيرة الخارجية كلينتون باهتة للغاية.

أُريدَ من المؤتمر أن يوحي بانتصار فرنسي بريطاني غربي من أجل تأكيد الهيمنة على ليبيا، ومقدّراتها وثرواتها بعد أن سقط نظام القذافي وأولاده (ليمتد).

هذا الانتصار المُدّعى من جانب المذكورين استند بداية إلى التدخل العسكري الأميركي الفرنسي البريطاني ثم تحوّله إلى الناتو. وتعزّز أكثر من خلال الضجة التي قامت من الجهات المؤيّدة للناتو ومن أغلب الأطراف المعارضة للتدخل العسكري. فقد اتفق الطرفان، كلّ من زاويته، على مصادرة دور الشعب الليبي، ودور الثوار الذين قاتلوا وقدّموا التضحيات. فالفضل كل الفضل في نظر الطرفين في إسقاط نظام القذافي يعود إلى الناتو منذ أول يوم إلى آخر يوم (سقوط طرابلس وهروب القذافي وأولاده منها).

"
اتفق المؤيدون والمعارضون للتدخل العسكري كلّ من زاويته على مصادرة دور الشعب الليبي، ودور الثوار الذين قاتلوا وقدّموا التضحيات. فالفضل كل الفضل في نظرهم يعود إلى الناتو منذ أول يوم إلى آخر يوم
"
ولكي توضع النقاط على الحروف في قراءة ما جرى في ليبيا، ثمة وقائع لا مجال لنكرانها وهي جديرة بدحض أيّة تصريحات أو تقديرات منافية لها، إذ لا شيء أقوى من الحقائق والوقائع في القراءة الصحيحة والدقيقة للوقائع والأحداث.

1- اندلعت الثورة في ليبيا يوم 17 فبراير/شباط انتفاضة شبابية سلمية عفوية ضمن الإطار نفسه الذي سبق أن اندلعت فيه الثورتان التونسية والمصرية. فكانت جزءاً من مناخ جماهيري عام شمل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

2- استُقبلت الثورة خلال الأسبوع الأول من اندلاعها بصمت أميركي أوروبي مطبق، إذ كانت العلاقات الأميركية الأوروبية منذ 2003 بالقذافي قد بلغت درجة عالية من التعاون والتفاهم. ولم يقصّر سيف الإسلام بمدّ خيوط علاقة مع أطراف صهيونية مسؤولة من أجل تعزيز العلاقات بأميركا (والوسطاء معروفون).

3- أخذت المواجهات بين الانتفاضة السلمية وقوات القذافي التي يقودها أبناؤه تحتدم وبدأ يسيل دم غزير في حين اتسّعت موجة المدن المحرّرة والاستقالات وانضمام قوات مسلحة للثورة. وأعلن القذافي أنه لم يستخدم العنف بعد قياساً لما فعله الصينيون في تيان منه، أو الأميركيون في الفلوجة، أو روسيا في البرلمان، واعتبر الشباب المنتفضين جرذاناً يجب أن يُعامَلوا كذلك.

4- هنا دخل الصراع في مستوى عالٍ من الدموية خصوصاً بعد أن أخذت قوات القذافي تستعيد السيطرة على بعض المدن والبلدات واتجهت لاقتحام مدينة بنغازي المحرّرة. وأخذت تموضع من حولها الآليات والمدفعية وراجمات الصواريخ. وبدأت بالقصف العشوائي.

5- بدلاً من أن ينهج المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي طريق الدفاع عن المدينة المحرّرة كما حدث ويحدث في مصراتة والزنتان ومدن وبلدات أخرى، راح يطلب النجدة من الجامعة العربية وعينه على طلب المساعدة من أميركا وأوروبا. وكانت أميركا وفرنسا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية قد أخذوا موقفاً جديداً يحمل من بعض أوجهه نمطاً من التملق للانتفاضة الشعبية تماماً كما حدث في مرحلة متأخرّة من اندلاع الثورتين في تونس ومصر. وبالمناسبة، صحيح أن الترحيب بقرار التدخل الخارجي تمّ بإجماع المجلس الوطني الانتقالي إلاّ أن من الخطأ وضع الجميع فيه في سلة واحدة.

صدرت تصريحات أميركية وغربية بأن التدخل غير ممكن من دون موقف عربي يسانده. ومن هنا جاء الطلب من الجامعة العربية التي أحالت الموضوع إلى مجلس الأمن، بدلاً من أن تتحمّل مسؤوليتها، فلكأن مبارك ما زال متحكماً في قراراتها.

6- أُحيلَ طلب التدخل الخارجي إلى مجلس الأمن وبغطاء الجامعة العربية. وكان ذلك شرط أميركا وبريطانيا وفرنسا. ففي هذه المرحلة أدركت أميركا وأوروبا أن التدخل العسكري هو الذي سيسمح للغرب بأن لا يواجه حالة كالحالتين المصرية والتونسية.

بل يمكن القول إن التدخل السريع كان قراراً بوقف هذا المد الثوري والشعبي بإسقاط الرؤساء والأنظمة ولا سيما بعد أن تبيّن من خلال التجربتين التونسية والمصرية أن الثورة الشبابية مستمرة وأن أوضاع ما بعد رحيل الرئيسين مبارك وزين العابدين أصبحت خاضعة لأكثر من احتمال، فحتى انتقال السلطة إلى الجيشين لم يعنِ ضمان النظام والسياسات اللاحقة. ولهذا تقرّر أن لا بدّ من وقف عملية إسقاط الرئيس قبل السيطرة على مصير التطورات اللاحقة. هذه السياسة تكشفت بصورة فاضحة بعد التدخل العسكري في ليبيا ومن خلال الموقف الأميركي من حل الأزمة اليمنية.

7- بعد التدخل العسكري الأميركي الفرنسي البريطاني في ليبيا بموجب قرار من مجلس الأمن طالب بالحظر الجوّي وحماية المدنيين، وبعد مضي خمسة أشهر ونصف عليه أصبح من الممكن التقدّم بقراءة دقيقة للإستراتيجية الأميركية الأوروبية الأطلسية التي حكمت سير العمليات العسكرية. وهنا لا نتحدث انطلاقا من معلومات سريّة ولا من تصريحات، وإنما من قراءة لسير العمليات العسكرية الميدانية نفسها وهي "أصدق إنباء من الكتب".

"
أثبتت التجربة الليبية حتى الآن، وستثبت لاحقاً، شأنها شأن كل تجارب "الاستغاثة" بالتدخل العسكري الخارجي، أن نتائجه كارثية على ليبيا من حيث الضحايا الإنسانية، كما من حيث الهيمنة على البلاد
"
8- أثبتت التجربة الليبية حتى الآن، وستثبت لاحقا، شأنها شأن كل تجارب "الاستغاثة" بالتدخل العسكري الخارجي، لا سيما الأميركي الأطلسي، أن نتائجه كارثية على ليبيا من حيث الضحايا الإنسانية، ومن حيث الهيمنة على البلاد وتسخيرها لأهداف غير الأهداف التي ادّعت التدخل من أجلها.

أ‌- فمنذ اللحظة الأولى أفقد التدخل الخارجي الثورة الكثيرين من مؤيديها ولا سيما مع ما اصطحبه من استقبال للصهيوني برنارد ليفي من قِبل المجلس الوطني الانتقالي، ومن ثم أُدخِل الوضع في تعقيد إضافي بعد أن كان يتسّم بثورة شعب ضد نظام اتسّم بالاستبداد والفساد والتبعية لأميركا والغرب كما التآمر على وحدة السودان ليس على مستوى فصل الجنوب عن الشمال فحسب وإنما أيضا على مستوى تقسيم الشمال نفسه إلى عدّة دويلات.

ب‌- على أن رفض التدخل الخارجي والوقوف في وجهه بكل حزم لا يجوز أن يلغي ثورة الشعب ضدّ نظام القذافي. أما الانحياز إلى القذافي تحت حجّة مناهضة التدخل الخارجي، أو نفض اليد من دعم القاعدة الشعبية العريضة فسوف يحرمان من أية فاعلية في مواجهة التدخل الخارجي ودوره المزدوج بين طرفي الصراع من جهة، أو في مواجهة مرحلة ما بعد القذافي. وهي التي ستتسّم بمناهضة الهيمنة الدولية على ليبيا من جهة، ودعم القوى الشعبية المقاومة لتلك الهيمنة من جهة أحرى.

ج‌- ومن هنا كان الموقف الصحيح مع هذا التعقيد يتلخص في مناهضة التدخل الخارجي وفضح سياساته وإستراتيجيته العسكرية مع دعم الشعب في الإطاحة بنظام القذافي الذي استسلم لأميركا والغرب منذ 2003 إثر الاحتلال الأميركي للعراق.

9- اقتصر التدخل الخارجي على تحقيق هدفين عسكريين أُنجزا منذ اليوم الأول، وهما الحظر الجوي على استخدام الطيران العسكري للقذافي، وكان الثاني ضرب قوات القذافي المحاصرة لمدينة بنغازي وإبعادها عن قصف المدينة.

إنجاز الهدف الأول ما كان بحاجة إلى أكثر من إعلان الحظر إذ أصبح من المحال لأيّة طائرة مغادرة مربضها من دون إسقاطها فوراً. ولهذا حين راحت الطائرات الأميركية تقصف الطائرات في مرابضها لم يكن لذلك هدف عسكري غير الحرص على حرمان ليبيا المستقبل من طائرات ومضادات للطائرات خدمة للتفوّق الصهيوني عسكرياً.

أما الهدف الثاني فقد تولته الطائرات الفرنسية وكان أسهل لإنجازه لانكشاف قوات القذافي المحاصرة لبنغازي. وبالفعل تمّ ذلك خلال بضع ساعات.

ما عدا ذلك دخلت إستراتيجية الناتو الذي أحيلت إليه مهمة التدخل على طلعات متكرّرة لا أغراض عسكرية عمليانية لها ضدّ قوات القذافي التي استمرّت في محاصرة مصراتة والزنتان وقصف المدنيين وحتى التحرّك على الأرض بكل حرية واحتلال مناطق ومواقع فقدتها قبل التدخل العسكري.

كان من الواضح أن إستراتيجية الناتو اتسّمت بالازدواجية بين الطرفين وذلك بقصد الهيمنة على المجلس الانتقالي بإبقائه تحت تهديد قوات القذافي، وإبقاء القذافي تحت تهديد ضرب قواته إلى أن يتحكم الغرب في الحل السياسي الذي يُراد منه تحديد مستقبل ليبيا.

لقد أُعلن رسمياً وعلى أعلى مستوى سياسي وعسكري في الإدارة الأميركية وكذلك على مستوى قائد قوات الناتو راسموسن، ومن قِبل الساسة البريطانيين والفرنسيين "أن لا حلّ عسكرياً للصراع في ليبيا". وهو الذي عكسَ الممارسة العسكرية لطيران الناتو في إبقاء مصراتة والزنتان ومناطق أخرى تحت القصف الوحشي حيث استشهد من المدنيين خلال أكثر من خمسة أشهر عدّة أضعاف ما استُشهِد منهم قبل التدخل العسكري.

وعندما طلب المجلس الانتقالي والقيادة العسكرية إمداد الثوار بالسلاح لتعويض التفوّق الذي تتمتع به قوات القذافي لم يستجب الناتو، وأصبح تهريب السلاح يتم بالقطارة وبلا "شرعية" من الذين تدخلوا بحجّة حماية المدنيين. وذلك من دون أن تطرف عين الناتو أو سياسيي أميركا وفرنسا وبريطانيا على المدنيين الذين يعيشون تحت القصف والقنص بلا هوادة.

ليس هنالك من فضيحة أبلغ من حقيقتين: الأولى استمرار خمس بوارج حربية تابعة للقذافي تقصف مصراتة من المياه الإقليمية، ولمدّة أسابيع، تحت نظر الطيران الذي يمرّ من فوقها كأنه يقوم بحمايتها. والثانية كيف يفسّر الناتو والمدافعون عن دوره حين تمرّ الطائرات مئات المرّات أو آلاف المرّات فوق قوات القذافي وآلياتها ومدافعها وراجماتها من دون أن تقصفها بل تركتها تقصف بحريّة وكذلك تتنقل فوق أرض مكشوفة.

الغريب أن العسكريين والمنظرين العسكريين والمعلقين الصحفيين العسكريين لم يتعرضوا لهذه السياسة-الإستراتيجية-التكتيك الفضيحة التي اتسّمت بها خطة التدخل العسكري في ليبيا والتي دامت إلى ما قبل قرار الهجوم على طرابلس وانتفاضة شعبها اللذين حسما الصراع على مواجهات عسكرية تذكر.

قرار الثوار الذي انتقل إلى الهجوم لا سيما منذ بداية شهر رمضان وانتقاله إلى حسم المعركة عسكرياً-انتفاضياً في طرابلس جاء مخالفاً للإستراتيجية التي قادت سياسة الناتو وممارسته طوال خمسة أشهر في ليبيا والتي لخصت "أن لا حلّ عسكرياً" من جهة، في حين أُبقيت قوات القذافي، بصورة عامّة، مطلقة اليد تحت مظلة طيران الناتو وقد كانت دائماً تحت قبضته للقضاء عليها ببضعة أيام. وكم تناقلت الأنباء عن لقاءات سريّة للتوصل إلى حل سياسي حتى الأسبوع الأخير.

لم يصدر عن المجلس الانتقالي عدا تصريح واحد لعبد الفتاح يونس انتقد فيه طيران الناتو ثم أُسكِت. وعوّض بتصريحات تشكر الناتو وتقدّر مساعدته للثورة.

إن كل من لا يتوقف طويلاً أمام خطة الناتو العسكرية الفضيحة في ليبيا، لا يلحظ أن القذافي الذي توعدّها بالقتال لم يطلق صاروخاً واحداً ضدّ طائرة أطلسية ولا حتى استخدم المضاد ضدّ المروحيات. الأمر الذي يسمح بالقول إن ذلك كان مقابل ترك حرية الحركة لقواته. فالناتو أراد الإمساك بالطرفين، وبصورة خاصة، بالقوى الجديدة التي أفرزتها الثورة. ومن ثم لا تفسير لما عاناه الشعب في مصراتة والزنتان والجبل الغربي والقوات الثائرة من تضحيات لا حدود لها بسبب هذه الإستراتيجية المزدوجة اللئيمة.

وبكلمة، باستثناء، حظر الطيران وإبعاد قوات القذافي من بنغازي، وربما في الأسبوع الأخير بعض المساعدة اللوجستية كان دور الناتو سلبياً ضدّ الثورة وضدّ شعب ليبيا من الناحية العسكرية الصرفة.

"
مركز الثقل في الانتصار يعود إلى الصمود والقتال والتضحيات في مصراتة والزنتان وفي مواقع القتال البريّة، ثم وبصورة حاسمة انتفاضة الشعب في طرابلس
"
ولكن من جهة أخرى، فإن مركز الثقل في الانتصار يعود إلى الصمود والقتال والتضحيات في مصراتة والزنتان وفي مواقع القتال البريّة، ثم وبصورة حاسمة انتفاضة الشعب في طرابلس. طبعاً بمشيئة الله. ولهذا فإن من يجب أن يجني ثمار النصر هو الشعب في ليبيا وليس دول الناتو ولا من يتواطأ معها على مستقبل ليبيا.

ومن هنا يتكشف الخلل الخطير الذي أعطى الفضل في الانتصار للناتو على قوات القذافي سواء أجاء من خلال المروّجين للناتو أم جاء من قبل الذين أسقطوا من حسابهم دور المقاتلين والشعب. فالمسألة هنا تتعلق بمستقبل الصراع حول ليبيا ما بعد القذافي.

وبالمناسبة لا بدّ مع عودة الوحدة بين شرق ليبيا وغربها أن يُذكّر الذين استنتجوا أن ليبيا ستقسّم عندما جمّد الأطلسي الجبهة العسكرية بين شرق وغرب. وذلك لعل الذكرى تنفع من يراجع أخطاءه.

حقاً كان هذا الاستنتاج مسوّغاً لو صحّ أن الصراع أصبح بيد الأطلسي. فقرار تجزيء المجزّأ العربي إستراتيجية أميركية صهيونية تُرجمت في العراق وفي السودان. ولكن الخلل فيه نابع من إسقاط إصرار الشعب والثوار والمجلس الوطني الانتقالي على وحدة ليبيا. ومن ثم التوجّه لتحرير طرابلس وإنزال هزيمة عسكرية بقوات القذافي (على ضدّ من إستراتيجية لا حلّ عسكرياً للصراع). وهو الذي يفسّر لماذا فرض قرار محاصرة طرابلس وانتفاضة الشعب، ولماذا هزمت قوات القذافي؟

ومع ذلك يجب أن يُخشى من سياسة إفساح المجال لهروب القذافي لإبقاء ذريعة تدخل الناتو، والتحكّم في مصير ليبيا بعد القذافي.

المصدر: الجزيرة