الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

رسالة وبرنامج لمن له الغيرة لإنقاذ الجزائر


رسالة وبرنامج لمن له الغيرة لإنقاذ الجزائر
الأمة اليوم في خطر والبلد في انحراف، تحت تأثير تراكم مصائب تتغذى بينيَّا وآليا، ما يؤدي حتما إلى انفجار إجتماعي وهيمنة العنف كوسيلة فريدة لتسوية النزاعات بين الأفراد، وبين جماعات من الأفراد؛
 وبين مجموعات من الأفراد والسلطة.
 أرجو لفت انتباه القارئ إلى أن ما أعبّر عنه ليس هو أملي أو ما أتمناه، بل هي توقعات جدية وموثوقة. والتي تؤكدها الأحداث التي تعيشها المنطقة هذه السنة .2011 دون الادعاء بأن القائمة التالية هي شاملة، فإن المصائب التي تعاني منها الجزائر هي:
1/ التخلي عن الأخلاق الجماعية، وبذلك يفقد المجتمع أغلى القيم الإنسانية، ويمر بصفة شاملة إلى تعاملات غير حضارية يتقبل العنف والتخريب، والتعود على أن هذه هي طريقة التصرف العادي.
إن التغيير معناه تطبيق برنامج طموح لتربية المواطنين للمرور إلى مجتمع مرجعه القوانين والقواعد السليمة. يتعامل الأفراد فيه بينهم بكل ثقة. ويتميز فيه أصحاب الأخلاق الحميدة والمجتهدين في عملهم، ويكون النجاح حليفهم كأفراد أو داخل المجتمع، حيث يسمو العدل وتُنبذ قلة النزاهة والخبث والعنف كوسائل للوصول إلى الوسط العام، ويُفضحون ويكافحون على مستوى المحيط الفردي.
2/تعميم الفساد وتفشيه في كل قطاعات النشاطات، إنه مسار منتظر أن يؤدي إلى تبذير الموارد الوطنية، وخاصة هجرة الأدمغة البشرية نحو الخارج، والاستهلاك اللاعقلاني للمحروقات. 
التغيير معناه وضع نظام جديد شفاف عند إدارة الشؤون العمومية. يتم تحقيق ذلك تدريجيا مع مراعاة الجانب البيداغوجي لتمكين الجميع من التعود عليه، واعتماده وتبنيه بعد فترة إمهال كافية. بعد فترة الإمهال المحددة، تأخذ المؤسسات الفعالة، وليس الأفراد، مهما كانت رتبتهم في سلم الحكم الجديد،على عاتقها القضاء على الخلل والمتسببين فيه الرافضين لتطبيق القواعد الجديدة الشفافة لتسيير شؤون الدولة. ستكون هناك ضمانات لتعامل عادل مع الجميع مع احترام القانون فقط.
3/ الفقر 
التغيير معناه وضع سياسة اجتماعية عصرية حقيقية، قادرة على تعبئة كل المواطنين حول مقاربة يكون هدفها مكافحة الفقر، والمحافظة على البيئة والعدالة الاجتماعية. وليست هذه السياسة عبارة عن تسول، بل تعني استراتيجية شاملة ضد التهميش، مع تشجيع مساهمة الفقراء في ازدهار الاقتصاد. ولا بد أن تمر هذه السياسة باستثمار مكثف في قطاعي الصحة والتربية، وفي المصالح الاجتماعية الأخرى، من أجل تحرير الأفكار المبدعة والمساهمة الاقتصادية لمواطنينا المبدعين الذين هم اليوم مهمشون.
4/ الشح الذي يتراءى بالنسبة للموارد الطبيعية غير المتجددة وهي المحروقات. 
التغيير عبارة عن اقتصاد تنافسي يضمن حماية الأفراد، وهو نمو فردي وجماعي متناسق. يعتمد برنامج تحقيق الاقتصاد على سياسة دقيقة وناجعة لتحويل المكاسب الطبيعية غير المتجددة (المحروقات) إلى موارد بشرية مولدة لسيل من الموارد المستقرة والدائمة.
تشمل هذه السياسة، خاصة، إعادة توزيع جزء هام من الاستثمارات، المكرسة بإسهاب حاليا للبنى التحتية، وتوجيهه نحو استثمارات محددة في قطاع إنتاج الثروة والخدمات، مع إعطاء الأولوية لاستثمار العديد من الدولارات في الموارد البشرية (التربية، المعرفة، الكفاءات...) لتكوين جيل من المقاولين لهم القدرة على القيادة، والأخلاق والذكاء والبصيرة، قادرين على تكوين إطارات للتسيير في المؤسسات وفي الإدارة. ويجب أن يتم تعويض الإطارات المسيرين المحالين على المعاش بسرعة، بفضل برنامج تكوين وترقيات طموحة لاستدراك الغفوة التي تميزت بها العشريتين الأخيرتين بخصوص تكوين الإطارات. لقد جُربت بنجاح هذه السياسة في العديد من البلدان، وعلى رأسها الصين. 
التغيير هو أيضا دستورية استخدام احتياطي المحروقات. أكرر هذا اليوم. كل برميل يمتص من الاحتياطي غير المتجدد هو من البداية خسارة للأمة، وعندما يفارق بطن الأرض يختزل من أملاك الأجيال القادمة. 
5/انحراف دولة منهارة إلى أخرى مائعة. 
يتطلب التغيير إرساء نظام حكم راشد يسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم ومعاقبة المذنبين، أي أن للمواطنين الوسائل لمحاسبة معظم حكامهم، مع امتثالهم أيضا للمحاسبة.
أتمنى أن تشهد سنة 2011 إجماع كل المواطنين الجزائريين على أن السلم، بالنسبة للدولة وللأمة، لا يتحقق إلا من خلال نظام ديموقراطي ومشاركة قوية للمواطنين في أخذ القرارات على كل المستويات.
6/ العزلة السياسية في كون يتعولم باستمرار، باتت الجزائر، وقد تخطتها الأحداث، وأصبحت في عزلة، وفي مؤخرة الترتيب الدولي في كل الميادين. 
يعني التغيير وجود أمة واثقة من مزاياها، وقادرة على حماية مصالحها بالقدرة على التبليغ، ومسموع لها، ومشاركة في السباق العالمي الحالي.
تقاس اليوم قوة الأمم بقدرتها على الإبداع، ونوعية نظامها التربوي وتكوين المسيرين. وبهذا الخصوص يمكننا الاستشهاد بتجربة العشريتين التاليتين للأمم، مثل الصينية والهندية والبرازيلية. بلدان كل واحدة شبه قارة، التي رسمت آفاقا للتنمية لبلدان أخرى من دول العالم في كتل جهوية مثل الكتلة المغاربية. وذلك لانتمائها إلى ثقافة وحضارة مشتركتين لدى مجموع سكانها، وبإمكانها التفتح على العالم بربط علاقات متكافئة مع الدول الأخرى، داخل منظمة ملائمة يجب أن نسعى إلى إنجازها.
علما بأن توجهنا المغاربي -الساحلي يمنحنا فرصا، كما يفرض علينا واجبات.
7/ خطر تشتت الأمة وتقسيم البلاد
تنادي قوى في بعض الجهات في تزايد بالمطالبة بالانفصال، وحتى بتقسيم البلاد. علينا الاهتمام بجدية بمثل هذه الأمور. إن غياب السلطة الحالي يشجع احتمال اللجوء إلى العنفين الاجتماعي والإرهابي. معنى ذلك الوقوع في مصيدة البؤس الدائم، وفتح الباب أمام تمزق الوحدة الوطنية والمخاطرة بالوحدة الترابية.
يتطلب التغيير تحديد فترة انتقالية للمحافظة على الأمة، ولحماية مصالح الأجيال القادمة.
هذه هي البرامج السبعة التي يجب أن يبنى حولها التغيير. هذا إلى جانب الملفات الثلاثة الأساسية: إعادة بناء المدرسة، والدولة، والاقتصاد.
إذا ناشدَتْ الأغلبية من القوى الحية في البلاد تغييرا شاملا للنظام كيف يتم تحقيقه؟
تُوفر التجربتان التونسية والمصرية طريقة العمل التي تبدأ برحيل رموز الدولة، وخاصة رئيس الدولة. 
لدينا طريقة العمل لترحيل المسؤولين الأوائل للنظام الحالي. إنه شرط واجب، ولكنه غير كاف لتحقيق التغيير.
بعد ترحيل رؤوس النظام، كيف يتم تحقيق التغيير؟
يتم التغيير على مرحلتين: مرحلة رحيل رموز النظام الحالي الذي يتم بتعبئة الجماهير، وخاصة الشبيبة، ومرحلة تحقيق التغيير التي تحتاج إلى تعبئة الكفاءات الوطنية بالتكاتف مع قوى المرحلة الأولى. 
في هذه المرحلة يتطلب نجاح التغيير تحديد فترة إنقاذ انتقالية، حسب البرنامج التالي:
1/ تنظيم ندوة وطنية من أجل التغيير، تتكون من عناصر من النظام قادرين على اغتنام الفرصة لإنقاذ أنفسهم والبلاد، من جهة، ومع شخصيات مسؤولة ولها مصداقية لدى المجتمع لتكون ضامنة للعملية؛ واختيار مجلس أعلى لحل الأزمة (Crise la de l'Endiguement pour conseil Haut)، يتكون من 5 إلى 6 أفراد، مهمته في 3 أشهر ما يلي:
- وضع خارطة الطريق لدفن الأزمة، والإعداد لتغيير نظام الحكم. 
- تنفيذ برنامج إشهار بمهمة المجلس، مع فتح الحوار مع جميع فئات المجتمع. ولن تتأكد مصداقية البرنامج الإعلامي، إلا إذا سبقه الإلغاء الفعلي لحالة الطوارئ، والسماح بإنشاء أحزاب سياسية جديدة لإشراك الشباب في العمل السياسي، وفتح قطاع وسائل الإعلام، مع إمكانية إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية خارج رقابة السلطة.
- اختيار أعضاء الحكومة لدفن الأزمة، تكون مهمتها تطبيق خارطة الطريق التي أعدها المجلس، وتحقيق التغيير في 12 شهرا، من جهة أخرى.
بعد انتهاء فترة 3 أشهر يتم تعيين حكومة تسوية الأزمة بمهمات دقيقة لكل قطاع، كما وردت في خارطة الطريق، وفي البرامج السبعة والملفات الكبرى الثلاثة التي تعرضنا لها سابقا. ومن مهامها التحضير لتنظيم استفتاء حول الدستور، والانتخابات الرئاسية المسبقة، وانتخابات تشريعية. يتولى أعضاء المجلس الاستشاري في تلك السنة مهمة وضع نظام مراقبة تحقيق المهام الموكلة لحكومة حل الأزمة، مع استمرار الحوار والاستشارات مع كل الطبقات الشعبية، من أجل تحرير مشروع مراجعة الدستور الذي سيقدم إلى الاستفتاء عليه في نهاية 12 شهرا.
وعلينا أن نقول للحكام الحاليين:
- إن قطار التغيير انطلق في مسيرته، وإن محاولتهم كبح جماحه أو تعطيله سوف تزيد في توريطهم.
- إن الاختيار واضح: إما استباق الكارثة أو الوقوع فيها. 
- الريع هو وسيلة للتّواجد في الحكم، وسيصبح قريبا العامل المسرع لخرابه.
- على ضوء الأحداث الأخيرة في المنطقة، يجب إعادة النظر في قضية التغيير، والتحضير لمخرج مشرف.
- منذ بداية 2011 تغيرت أشياء كثيرة، وصار العالم أكثر صحوة، وانتقل الرعب من جانب المواطنين إلى جانب الحكام. 
- إن الإصلاحات التي لم يتم إنجازها في 12 سنة من الحكم، لا يمكن إنجازها في شهور،
- لكن من هو رجل الدولة الحاكم الذي يستطيع تقديم النصيحة للمستبدين، وإقناعهم بقبول حتمية التغيير؟
ولقوى التغيير علينا أن نقول:
- إن هؤلاء الحكام رغم اقتناعهم بحتمية التغيير، لا يريدون، أو لا يستطيعون، أو تنقصهم الشجاعة الأدبية لمواجهة مصالح الأقوياء التي تتماشى مع التراوح وراء الستائر.
- لا يمكن تفادي الصدمة بين نظام انطوائي ومنغلق على نفسه، وبين القوى الحية للأمة المصممة على الدفاع على حقوقها وحريتها. 
- يتوهم النظام بأنه بنهب الموارد المالية، وبالفساد، وبردع أكثر فاعلية، يستطيع ضمان الولاء له، ومساومة السلم الاجتماعي.
- من المحتمل في حالة عدم تجاوب الطغاة، قبل فوات الأوان، والمبادرة بالبحث مع قوى التغيير على حل مشرف وجدي، الذي تفرضه الظروف والمصالح المشتركة، فإن الشبيبة التي عانت من سوء المعاملة، والإهانة ومهددة في أرواحها، ستشعل البلاد نارا، كما تشهد الأحداث التي وقعت في بداية سنة .2011
- يحاول الاستبداديون ترويج المقولة بأن الجزائر تختلف عن البلدان الأخرى في المنطقة، وأن المطالبات المتكررة ما هي إلا سحابة صيف عابرة. وهكذا مع ربح الوقت يستطيعون الاحتفاظ   بمناصبهم، هكذا يجب فهم الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية.
ارتكزت، البارحة، حرب التحرير على الوطنية في الداخل، وعلى التخلص من الاستعمار على المستوى الدولي، ويرتكز اليوم الكفاح من أجل تحرير الفرد على المواطنة في الداخل، وعلى القوانين الكونية في حق الإنسان في الحرية والرقي على المستوى الدولي. حتى ولو اختلفت الأزمان والفضاءات والبيئات فإن السيرورات نفسها. كنا البارحة في كفاح مسلح لطرد المحتل العنيد الرافض لأي تفاوض؛ وكفاحنا اليوم هو كفاح المواطن لتغيير نظام استبدادي ردعي رافض لحوار حقيقي، حتى من خلال التعبئة السلمية المتمثلة في المسيرات والتجمعات والمظاهرات والإضرابات. 
أناشد كل الغيورين على إنقاذ الجزائر، مهما كانت رتبهم، ومكان تواجدهم، ومهما كانت المؤسسات التي ينتمون إليها، التعبئة وتجميع قواهم لتحقيق الأهداف المسطرة في هذه الرسالة البرنامج في أقرب الآجال. 
نحن مصممون للسير في هذا الاتجاه بكل شجاعة، خاصة وأن الشعب لم يعد يثق في نزاهة هذا النظام الحالي، ويؤكد قناعته بأن ساعة الإصلاحات الترقيعية قد ولت.
يطالب الشعب بالتغيير أكثر من قبل، ويريد قطع جذور المآسي التي تحمّلها.
انتهت اللعبة وصار كل شيء في مكانه بالنسبة للحكام الذين رفضتهم شعوبهم. 
بعد هذا يمكن تصور بقية الأحداث بفكر جديد، بانفتاح وبعدالة وحكمة. ستكون هناك فترة انتقال، كما أشار لذلك العديد من الشخصيات الوطنية.
إن الساعة حرجة. لكن الشعب الجزائري، كما أثبت في الماضي، سيكون في المستوى لتخطي الصعوبات، وليعيش حداثته في صفاء وحرية !   
قال تعالى: ''وإذا أصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون'' الآية .29 سورة الشورى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق